فالتطرف الديني والتطرف الفكري يمثلان أحد أكثر القضايا التي تؤرق المجتمعات الدولية، وتشكل تهديداً خطيراً لنمائها واستقرارها وتطورها؛ فقد ظل المصدر الأساسي لتفكك المجتمعات وتمزيقويأتي على رأس هذا المشهد الفكري والثقافي الفوضوي، التنظيرات والتحليلات والدراسات التي تشتغل على قضايا التطرُّف والإرهاب، وما يرتبط بها من مسائل كالتسامح والتعدديَّة والمواطنة والهويَّة. من أجل ذلك قرَّر مركز مدى اطلاق خطة بحثية خلال العام القادم تهدف إلى تناول المواضيع المتعلقة بالإرهاب والتطرُّف، من خلال مداخل معرفيَّة متعدّدة؛ كالدراسات الدينيَّة والسوسيولوجيَّة والأنثروبولوجيَّة والفلسفيَّة والسياسيَّة والتاريخيَّة.
وهدف هذه الدراسات هو تفكيك تلك الظواهر، والكشف عن مسبّباتها، وميكانيزمات قوَّتها وتفشيها في بنية المجتمع، وصلتها بالقيم والأخلاق المكتسبة من التنشئة الاجتماعيَّة، سواء في مناهج التعليم أو الخطاب الدّيني السائد الرسمي أو الحركي، أوالخطاب الثقافي بشكل عام، وتأثيرات العولمة والحداثة وما بعدها، والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي... إلخ.
كما تهدف الخطَّة البحثيَّة من خلال أسئلتها إلى الكشف عن العوامل الأخرى الخارجيَّة الدافعة، التي تشكّل تربة خصبة لتفشّي هذه الظواهر. كفشل الخطط التنمويَّة، والتعاطي السياسي الغربي وتدخُّلاته في المنطقة العربيَّة، والصراعات والحروب التي تفتك بمجتمعاتنا، ورهانات الهيمنة المباشرة عسكرياً أو سياسياً، أو تلك التي تأتينا تحت شعارات الحداثة والعولمة ودمقرطة المجتمعات، وخلفياتها الفلسفيَّة غير المحايدة والمتحيّزة، وكذلك الاختزال التنظيري المسيس المقصود أو غير المقصود القاصر عن فهم مجتمعاتنا، والكابح في عمقه لأشكال التعدُّد والتنوُّع الثقافي والاجتماعي. تُعتبر خطَّة هذا العام بمثابة أرضيَّة ونقطة انطلاق، تروم تحليل هذا المشهد الذي نعيشه، والوقوف على أسبابه، مستفيدة ممَّا تمَّ إنجازه في هذا المجال، راصدة له، ومؤسّسة لما بعدها من دراسات وأبحاث تفصيليَّة
استناداً إلى ما سبق، تتوزَّع مداخل المشروع حسب المحاور التالية: