فالتطرف الديني والتطرف الفكري يمثلان أحد أكثر القضايا التي تؤرق المجتمعات الدولية، وتشكل تهديداً خطيراً لنمائها واستقرارها وتطورها؛ فقد ظل المصدر الأساسي لتفكك المجتمعات وتمزيقالمحصورة أعمارهم بين 18 و30 سنة، وهم يشكلون تحديدا 78%، ولهذه النسبة مدلولات واضحة ليست بحاجة لكثير من الشرح، أهمها تمتع بـ"الحيوية" المتأتية عبر استقطابه شريحة عمرية يمكن استثمار طاقاتها العضلية والذهنية إلى أقصى حد، فضلا عن استثمار فورة حماسها ونشاطها في دعم مشروع التنظيم، الذي تم الإعلان عنه في شكل "دولة خلافة". ويمثل الكهول الذي تندرج أعمارهم بين 30 و60 سنة نسبة تقارب 22% من الملتحقين بصفوف التنظيم، وهي نسبة مقبولة، وربما تكون مطلوبة في الحفاظ على توزان أي كيان، لاسيما أن بعض المناصب والمهام تتطلب أشخاصا كبارا في السن نوعا ما.
ووفقا للوثائق التي تمت غربلة قسم منها، فإن صفوف التنظيم تخلو نهائيا من العجزة الذين دخلوا مرحلة الشيخوخة وتخطوا سن الستين. أما فيما يخص الحالة الاجتماعية، فإن المتزوجين يشكلون حوالي 30% من الملتحقين بالتنظيم، يقابلهم 70% تقريبا من العزّاب (غير المتزوجين)، وتبدو هيمنة العزاب على التنظيم أمرا غريبا نوعا ما وغير متوافق مع صورة كيان يقدم نفسه على أساس "الشرع"، الذي استخرج علماء الدين من نصوصه عشرات الأدلة المرغبة في الزواج والحاضّة عليه. وتكشف الأرقام الخاصة بالمستوى الشرعي عن افتقار التنظيم نوعا ما لمن يحملون درجة "طالب علم"، إذ إن حملة هذه الرتبة لا يتعدون 4,5%، و"طالب العلم" لقب يطلق عادة على الشخص الذي يجدّ في طلب العلوم الشرعية، وربما يطلقه بعض علماء الدين الراسخين على أنفسهم كنوع من التواضع، أو من الإقرار بحقيقة أن العلم لايمكن الإحاطة به، ولا حتى بمعشاره، وهكذا فإن العالم مهما بلغ يبقى طالبا في حضرة العلم، يستزيد منه ولا يرتوي.
وفيما يخص "التحصيل الدراسي" يبرز أصحاب المستوى المتوسط (إعدادي، ثانوي) بنسبة تقارب 60%، ليشكلوا غالبية الملتحقين الجدد، بينما يمثل أصحاب المستوى الضعيف (ابتدائي أو أمي) نسبة تناهز 10%.
ويحجز الجامعيون نسبة 30% من مقاعد الملتحقين بالتنظيم، ويمثل هؤلاء مع حملة الشهادات العليا على قلتهم (0.50%).. يمثلون "نخبة" التنظيم التي تدير شؤونه المالية والإعلامية والإدارية والنفطية وغيرها، لاسيما أن من بين هؤلاء أناس لديهم اختصاصات نادرة، ستتعرض لها "زمان الوصل" في تقرير لاحق.
ويشكل الحاصلون على شهادات تزكية نسبة 95% من الملتحقين الجدد بالتنظيم، والتزكية هي عادة شهادة شفهية أو مكتوبة من شخص موثوق في التنظيم، تسهل للشخص الراغب بالانضمام أمور انضمامه وتشهد له بحسن السيرة والسلوك والأهلية.
وتعد التزكية عمادا في عمل التنظيمات الجهادية عموما وتنظيم الدولة خصوصا، حرصا على منع وصول أي عناصر دخيلة إلى التنظيم، قد تسرب أخباره وتحركاته أو تشي بقياداته.
وفيما يتعلق بالاختصاص الموزع أساسا بين: مقاتل و"استشهادي"، فإن 88% من الملتحقين الجدد بصفوف التنظيم أبدوا رغبتهم في ان يكونوا مقاتلين (سواء مقاتلين عاديين أو انغماسيين)، مقابل 12% تقريبا سجلوا في صفوف الراغبين بتنفيذ تفجيرات في أنفسهم (عمليات استشهادية).
وفي واقع الأمر تبدو نسبة 12% من الراغبين بتنفيذ عمليات تفجير، نسبة غير قليلة إن لم تكن كبيرة، لاسيما أن اتخاذ قرار بوضع النفس في بؤرة الموت أمر شديد الصعوبة، كما إن هذه النسبة "ابتدائية" إلى حد ما، ولربما يبرز في صفوف الملتحقين بعيد معايشتهم لأجواء المعارك وتعرضهم للمزيد من "المواعظ".. لربما يبرز من صفوفهم المزيد من الراغبين بتفجير أنفسهم، باعتبار هذا العمل طريقا "مختصرا" من طرق الوصول إلى الجنة، كما يقرّ في أذهانهم.
وبخصوص خوض تجارب قتال (جهاد) سابقة، تكشف الخانة التي تتضمن سؤال: "هل سبق لك الجهاد، وأين؟" عن أن 88% من الملتحقين الجدد بالتنظيم لم يسبق لهم خوض أي تجربة قتالية، وهم بالتالي "أغرار" حسب المصطلح العسكري، ينبغي للتنظيم إعدادهم بدنيا وعسكريا وشحنهم عقائديا قبل أن يزج بهم في ساحات المعارك، وهذه النسبة تشكل عبئا على التنظيم المجبر على افتتاح مزيد من معسكرات التدريب وتفريغ مزيد من المدربين، ولكنها من باب آخر "ميزة" تضمن للتنظيم تشكيل "عجينة" المقاتل الغر، وتكوينه بما يتوافق مع خصوصية التنظيم.
ويبقى هناك 12% ممن سبق لهم أن خاضوا تجارب قتالية على اختلاف درجاتها وساحاتها، يفترض أن تكون معاملة التنظيم لهم والمهام التي يكلفهم بها مختلفة عمن ليس لديهم "سوابق جهادية".